في المجتمع المعاصر، ومع شعبية الإنترنت وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، شهد التفاعل بين وسائل الإعلام والمستهلكين تغيرات ثورية. يتم تدريجياً كسر نموذج نشر المعلومات أحادي الاتجاه بين وسائل الإعلام التقليدية والمستهلكين واستبداله بنظام إعلامي حيوي وتفاعلي للغاية. ومع ذلك، في هذا النظام البيئي، فشلت بعض المؤسسات الإعلامية في بناء الثقة الكافية، مما جعلها تواجه تحديات في توجيه الرأي العام عبر الإنترنت. يميل المستهلكون، وخاصة جيل الشباب، إلى المشاركة بشكل مجهول في التفاعلات على المنتديات وفيسبوك وDouyin وغيرها من المنصات في الفضاء الإلكتروني الافتراضي، والذي أصبح اتجاهًا مهمًا في تطوير وسائل الإعلام.
أسباب عدم الثقة في وسائل الإعلام
هناك أسباب متعددة وراء عدم قدرة وسائل الإعلام على كسب ثقة المستهلكين. أولاً، أدى انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة إلى الإضرار بشكل خطير بمصداقية وسائل الإعلام. مدفوعة بالسعي وراء معدلات النقر إلى الظهور وعائدات الإعلانات، فإن بعض وسائل الإعلام على استعداد للتضحية بصحة الأخبار ونشر معلومات لم يتم التحقق منها، مما يدفع المستهلكين إلى الشك في دقة تقارير وسائل الإعلام. ثانياً، يؤثر التحيز الإعلامي وقضايا المواقف أيضاً على ثقة الجمهور. عندما تفضل إحدى وسائل الإعلام بوضوح موقفًا سياسيًا أو تجاريًا في تقاريرها، قد يشعر المستهلكون أن تقاريرها ليست محايدة وقد يشككون في موضوعية محتواها.
دوافع المستهلك للمشاركة في التفاعلات عبر الإنترنت
هناك دوافع متعددة وراء المشاركة النشطة للمستهلكين في التفاعل الإعلامي في الفضاء الافتراضي. فمن ناحية، يوفر عدم الكشف عن هويته للمستهلكين مساحة آمنة للتعبير عن آرائهم، مما يقلل من الضغوط الاجتماعية أو المخاطر التي قد يواجهونها في العالم الحقيقي. ومن ناحية أخرى، فإن فورية وتفاعلية منصات وسائل التواصل الاجتماعي تلبي احتياجات المستهلكين من ردود الفعل والمشاركة الفورية، مما يتيح للجميع الفرصة ليصبحوا منتجين ونشروا للمعلومات والمشاركة في المناقشات حول المواضيع العامة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لآلية التوصية الخوارزمية على وسائل التواصل الاجتماعي توفير محتوى مخصص بناءً على اهتمامات المستخدمين وسلوكياتهم، وتعزيز تجربة المستخدم، وجذب عدد كبير من مشاركة المستخدمين.
التحديات والفرص في توجيه الرأي العام عبر الإنترنت
في مثل هذه البيئة الإعلامية المليئة بالتحديات، يعد توجيه الرأي العام عبر الإنترنت مهمة صعبة وفرصة نادرة في نفس الوقت. بالنسبة لوسائل الإعلام، تمثل إعادة بناء الثقة مع المستهلكين أولوية قصوى. وهذا يتطلب من المؤسسات الإعلامية تعزيز التنظيم الذاتي، وتحسين جودة وأصالة المحتوى، وفي الوقت نفسه تعزيز الشفافية والكشف عن عملياتها التحريرية ومصادر تمويلها لكسب ثقة المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، يجب على وسائل الإعلام استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل نشط لإقامة اتصالات أوثق مع المستهلكين، وفهم احتياجات المستهلكين واهتماماتهم من خلال آليات التفاعل والتغذية الراجعة، وتوفير محتوى أكثر قيمة.
ختاماً
تحت تأثير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تشهد العلاقة بين وسائل الإعلام والمستهلكين تغيرات عميقة. أصبحت تفاعلات المستهلكين المجهولة في الفضاء الافتراضي شكلاً مهمًا من أشكال تطوير وسائل الإعلام، وهذا لا يوفر لوسائل الإعلام منصة للحوار المباشر مع المستهلكين فحسب، بل يضع أيضًا متطلبات أعلى لمصداقية وسائل الإعلام وقدرتها على توجيه الرأي العام عبر الإنترنت. وفي مواجهة هذا التحدي، تحتاج المؤسسات الإعلامية إلى إعادة النظر في أدوارها ومسؤولياتها، وإعادة بناء الثقة مع المستهلكين من خلال تحسين جودة المحتوى، وتعزيز الشفافية والتفاعل، وبالتالي لعب دور أكثر نشاطًا وفعالية في توجيه الرأي العام عبر الإنترنت. وبهذه الطريقة فقط يصبح بوسع وسائل الإعلام أن تحافظ على نفوذها في عصر المعلومات وأن تستمر في تعزيز دورها كأداة قوية للتقدم الاجتماعي والتنمية الديمقراطية.